صلاح شئون المسلمين في عهد الشيخين
ثم شرع رحمه الله في بيان حال الأمة الإسلامية، التي ترتبط حياتها وقيامها ووجودها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكيف وقع فيها الخلل والانحراف في هذا الأمر يقول: "ولهذا لما كان الناس في زمن أبي بكر وعمر -اللذين أُمر المسلمون بالاقتداء بهما؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: {اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر }- أقرب عهداً بالرسالة، وأعظم إيماناً وصلاحاً، وأئمتهم أقوم بالواجب، وأثبت في الطمأنينة، لم تقع فتنة، إذ كانوا في حكم القسم الوسط"، فلم تكن فتنة في خلافة الشيخين رضي الله عنهما، فالقضاة لا يجدون عملاً، وليس لهم ما يشغلهم؛ لأن كل أحد عرف ما له وما عليه، فالأمة قائمة بالقسط، والأئمة قائمون بالقسط، ولم يحدث من أحدهم ظلم ولا إخلال، لا الأمة ولا الأئمة، فـأبو بكر وعمر رضي الله عنهما لم يستأثرا دون الناس بشيء من بيت المال، فلم يؤثرا أهلهما، أو ذويهما أو أقرباءهما بشيء من ذلك أبداً، بل كانا متجردين لله عز وجل، والأمة كانت طائعة لهما في طاعة الله تعالى، وكانت تعلم أنه يجب عليها أن تسمع وأن تطيع لهما، إذ أنهما قد حكما بالعدل وقد أعطيا وقسما بالسوية، فلم تقع فتنة -ولله الحمد- فقد غلب المسلمون المرتدين، وحاربوا الفرس والروم وهزموهم، فكان العدو خارجياً، أما في الداخل، فالصف واحد، والهدف واحد.